مرآة البحرين (خاص): في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2018، نشر نجل الملك البحريني ناصر بن حمد آل خليفة خبرا عبر حسابه على الانستغرام، وآخر عبر مكتبه الإعلامي، أعلن فيه فوزه ببطولة الرجل الحديدي العالمية، التي كانت قد أقيمت في هاواي.

وفورا، تسابق الوزراء والمسؤولون، والوزارات والهيئات الرسمية، ومجلسا الشورى والنواب، إلى تهنئة الملك بفوز نجله بهذه البطولة، وبثت وكالة الأنباء الرسمية للدولة خبر الفوز، وأعلنت قناة البحرين الرياضية عن حلقة تناقش فوز نجل الملك بالبطولة العالمية.

ولاحقا نشر ناصر بن حمد تسجيلا مصورا له وهو يقف بقرب ساحل بحيرة أو نهر، ويتحدث وحيداً عن فوزه ويلوّح بميدالية ذهبية.

بعث الملك بنفسه برقية تهنئة لنجله بهذا الفوز الكبير، وكذلك فعلت زوجة الملك الأولى سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، وقائد الجيش، ولكي يكتمل المشهد التمثيلي، نشرت إحدى الصحف فيديو يظهر فيه البطل المزعوم وهو يجتاز خط المشاركة، بينما أعلام البحرين تنتظره، وأحد المعلقين يقول عبر المايكرفون: أنت رجل حديدي، وبينما ناصر يصرخ: خلّصت، خلّصت (انتهيت).

بالنسبة للناس في البحرين، فلم يكن الأمر يعني شيئا. إذ لطالما أعلن ناصر بن حمد أنه "الأوّل" في كل بطولة. لكن، أن يعلن أحد ما فوزه ببطولة عالمية كهذه كذبا، سيكون فضيحة.

كشفت «مرآة البحرين» أن الموقع الرسمي للبطولة وحساباتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بثت بالصور والفيديو فوز الألماني باتريك لانج بلقب بطولة العالم للرجل الحديدي، الذي بات أول رياضي ينجح في كسر حاجز الثمان ساعات في هذه البطولة.

وبتتبع أسماء الفائزين، لم يعثر على اسم نجل الملك كفائز في أي مكان ولا في أي حساب من الحسابات الرسمية للبطولة ما عدا الصحف البحرينية ومن لحق وراءها من الصحف الخليجية.

والحقيقة الصادمة أنه حلّ في المركز 251 على مستوى السباق (ذكوراً وإناثً)، وفي المركز 57 في فئته العمرية (من 30- 34 عامًا)، وفي المركز 229 في فئة (الذكور).

فناصر بن حمد بحسب مغرّد إماراتي مختص بسباقات الدراجات، فاز بتحدي يسمى"تحدّي التنفيذيين" وهو تحدّ للهواة، يتنافس فيها متسابقون أغنياء VIP، جميعهم كان في سن متقدّم ما عداه.

جاء ناصر إلى البطولة بوفد مكون من 62 شخصاً أخذهم معه إلى مدينة كونا الأمريكية على متن طائرة بوينغ 747، وقد كلّفت رحلته هذه مبالغ طائلة بحسب متابعين. ووفقا لمنتديات أجنبية فقد كان منظر موكب مرافقيه وقحاً وهزليّاً، إذ جاءوا تحديدا لأداء تمثيلية الفوز المضحكة، رافعين أعلامهم ليقدّموا التصفيق الحار والصرخات له خصيصا حينما يصل إلى شريط النهاية، أيا كان الوقت الذي سيصل فيه.

في صحيفة "القبس" سخر كاتب كويتي من «الشيخ البحريني والرجل الحديدي» وقال متسائلا إذا جاءت مثل هذه الكذبة "بكل «قوة العين» تجاه حدث وقع بالأمس، فما هي يا ترى الحقيقة عند استعراض أحداث وقعت قبل مئات أو آلاف السنين، يوم لم يكن هناك لا رواة ولا كاميرات ولا قضاة ولا من يحزنون؟" وأضاف "هناك اليوم من يود منا تصديق أن من جاء في المرتبة 250 هو البطل، وسيصبح في تاريخ وطنه كذلك".

تحت وطأة الضغط الإعلامي، وموجات السخرية التي وصلت إلى منتديات أجنبية مهتمّة بالرياضة، ظهر ناصر بن حمد في مؤتمر صحافي غاضبا، ليتحدّث عن فوزه ويقول بأنه مستعد لإثباته. ورغم اعترافه في المؤتمر بأن مشاركته لم تكن حتى في فئته، بل في سباق الهواة أو التنفيذيين، لكنّه عاد إلى لغة التهديد التي امتهنها منذ 2011 ضد المحتجين السياسيين، مهدّدا هذه المرة كل "من يشكّك في إنجازه" بأنّه سيريه "العين الحمراء"، و"سيشن عليه حربا كبرى"!

فوز ناصر ببطولة الرجل الحديدي العالمية، كانت كذبة أبريل في أكتوبر 2018. وربّما يضرب بهذه الكذبة الكبرى المثل في مناهج الإعلام على أهم نماذج القصص الزائفة «Fake News» في العصر الحديث.